تنمية مهارات الرضيع .. الخطوة الأولى لتحديد نمط شخصية طفلك
هناك أشخاصٌ نلقاهم مرةً واحدة في العمر، ثم تجرفهم أمواج الحياة بعيدًا عنا، إلا أن ذكراهم تظل تعاودنا بين حين وآخر، لنتذكر ضحكاتهم وصخبهم وكم كانوا ودودين، بخلاف أناسٍ آخرين نتعامل معهم يوميًا، وقد نُشاركهم سنوات طوال دون أن يجمعنا حديث أو تزداد درجة القرب بيننا خطوة، ويعود ذلك إلى “نمط الشخصية” المختلف.
من المعتقدات السائدة أن أنماط الشخصية تتحدد خلال فترة المراهقة والبلوغ من خلال خوض التجارب وردات الفعل تجاه المواقف المختلفة، وذلك صحيح نسبيًا، إلا أن الإطار الخارجي للشخصية وسماتها الأساسية تُشَكّل منذ الطفولة، وذلك من خلال تنمية مهارات الرضيع وطريقة التربية التي يحظى بها في شهوره وسنواته الأولى.
“التربية.. حجر الأساس لبناء شخصية سوية” ماذا تنقش على جدار شخصية طفلك؟
الطفل مرآة أبويه، ذلك ما علمنا إياه آباؤنا حين اتخذنا قرار الإنجاب وتحمل مسؤولية ومشاقات تربية أطفال أسوياء، لنجد أننا نُربي أنفسنا أولًا، نتعلم التحكم في غضبنا في أحلك المواقف حتى يتعلم أبناؤنا السيطرة على غضبهم أيضًا، نُؤثر غيرنا على أنفسنا حتى نزرع داخلهم مبدأ العطاء وحب الغير.
فمن أجل إنبات أبناء يمتلكون من القوة الشخصية ما يجعلهم قادرين على مواجهة الحياة بمساوئها، ومنح الآخرين الحب والعطاء في الوقت ذاته، يجب أن يجدوا ذلك فينا أولًا، وأن يحظوا ببيئة أسرية صالحة وتربية قويمة منذ أن يلجوا إلى الدنيا.
تنمية مهارات الرضيع.. الخطوة الأولى لتنمية الصفات العاطفية والاجتماعية في طفلك
تمنح الأشهر الأولى من عمر الطفل الأبوين الفرصة لغرس وتعزيز الصفات الأساسية في شخصيته، والتي ستصبح منهجًا أساسيًا يتعامل به مع الآخرين طوال حياته حتى وإن طرأت على شخصيته بعض الصفات الأخرى. كما تُتيح لهم الفرصة لتعزيز و تنمية مهارات الرضيع الفكرية والعاطفية والاجتماعية كي يتمكن من التواصل مع المحيطين به بصورة أفضل منذ الصغر.
في المقال التالي نُرشد الأبوين -خاصةً الأم- إلى أهم ما يمكنهم فعله خلال الأشهر الأولى لطفلهم لمساعدته على تنميه مهاراته المختلفة.
تنمية مهارات الرضيع في الشهر الثالث
مع بلوغ الطفل شهره الثالث تبدأ أجمل فترة من فترات طفولته، إذ يبدأ في الابتسام وتتبع الأشخاص المحيطين به ومحاولة التواصل معهم من خلال إصدار بعض الأصوات غير المفهومة، مثل: “غغغغ” وهي ما تُعرف بين الأمهات والجدات “بالملاغاة”، سيتوقف عن البكاء في حال أن قمت بحمله، وسيبدو سعيدًا متحفزًا لرؤيتك عندما تمشي إليه.
خطوات بسيطة لتنمية مهارات الرضيع في الشهر الثالث
ويُعد النظر إلى الطفل والتبسم في وجهه باستمرار أفضل ما يمكنك فعله من أجل تنمية مهارات الرضيع العاطفية، إذ تترك ملامح وجهك المبتسمة داخله انطباعًا عاطفيًا خاصًا، فتلك وسيلته الفطرية التي وهبه الله إياها كي يشعر بحبك له.
كما يمكنك تنمية مهارات الرضيع الحركية في تلك المرحلة أيضًا، وذلك من خلال فعل بعض الحركات البسيطة، مثل إلقاء الكرة إليه. وعلى الرغم من أنه لن يستطيع الإمساك بها، إلا أنه سيحاول ذلك جاهدًا وهو ما سيحفزه على بذل جهد أكبر كي يستطيع الحركة.
تنمية مهارات الرضيع في الشهر الرابع
بتقدم العمر تنمو وتتطور مهارات الطفل عن سابقتها، سيبتسم من تلقاء نفسه لجذب انتباهك، ويضحك سعيدًا لنجاح الأمر، يصرخ عاليًا للفت نظر الموجودين إليه أو تفاعلًا مع أحاديثهم. يمكنك المساهمة في تطوير و تنمية مهارات الرضيع في تلك المرحلة من خلال عدة أمور بسيطة، مثل:
- إدارة حديث خاص معه حول أمر ما، يمكنك سرد قصة وهمية له، هو لن يفهمها على أي حال لكن سيساعده ذلك على البدء بفهم اللغة ومحاولة النطق.
- حاوريه كثيرًا لكي يعتاد منذ الآن على الطريقة الصحيحة للتحدث مع الآخرين، لذا راعي أن يكون صوتك منخفضًا وتعبيرات وجهك معبرةً عما تود قوله.
- تطلعا معًا إلى صور العائلة والأشخاص المقربين بين حين وآخر حتى لا ينتابه الهلع في حال زيارتهم لكم، ولكي يستطيع التفاعل معهم بإيجابيه دون أن يخشى وجودهم.
كما يمكنك مساعدته على تنمية مهاراته الحركية من خلال مشاركته اللعب بألعابه الخاصة، استخدمي الألعاب الجديدة أمامه لجذب انتباهه، ولكي يستطيع عقله الربط بين شكل اللعبة وكيفية استخدامها.
تنمية مهارات الرضيع فى الشهر السادس
العمل على تنمية مهارات الرضيع في الشهر الخامس والرابع ستؤتي ثمارًا مبهرة خلال الشهر السادس، إذ يطرأ على الطفل تقدمًا ملحوظًا في مهاراته الاجتماعية والعاطفية والحركية والفكرية كذلك، وذلك على النحو التالي:
- سيبدأ في التعرف على الأشخاص المألوفين -بخلاف الأبوين- وسيتعرف إلى نفسه في المرآة، ولربما أحب النظر إلي نفسه خلالها كثيرًا.
- الآن يمكنه الضحك بشدة وسيحاول إضحاكك أيضًا من خلال حركاته العفوية واللطيفة عند اللعب معه، سيتناوب في إصدار الأصوات معك، سينفخ عاليًا ويتسبب في الضجيج والصخب المُبهج.
- سيبدأ في اكتشاف العالم من حوله عن طريق وضع الأشياء المختلفة في فمه، وسيحاول جاهدًا للوصول إلى كافة الأشياء التي تلفت انتباهه.
- سيبدأ في التعبير عن رغبته في الطعام بالإشارة إليه إن كان حوله أو ربطه بكلمه “مم”، وسيغلق شفتيه ليُعبر عن عدم رغبته في تناول المزيد من الطعام.
- سيبدأ في التدحرج والحركة التدريجية “الزحف”، ويرفع نفسه بأذرع مستقيمة عندما يكون على بطنه، ويميل على يديه لإعانة نفسه عند رغبته في الجلوس.
هل نحتاج إلى ممارسة المزيد من السلوكيات لـ تنمية مهارات الرضيع في تلك المرحلة؟
في تلك المرحلة لن يكون عليك فعل المزيد، فقط الاستمرار على ما تفعله خلال الأشهر الأولى من مشاركة الحديث واللعب معه يوميًا ولو لفترة قصيرة، إلى جانب بذل المزيد من الجهد في مراقبته وإبعاد الأشياء التي قد تؤذيه من حوله.
تنمية مهارات الطفل في الشهر الثامن والتاسع
هنا خلال تلك المرحلة تحديدًا ستلاحظ فرقًا في شخصية طفلك فلن يقتصر الأمر على اكتساب المزيد من الحركات أو القدرة على التلفظ ببعض الألفاظ بل ستنمو صفاته الشخصية، فقد يُصبح خجولًا جدًا عند التعامل مع الأخرين، أو مقبلًا عليهم.
سيُظهر العديد من تعبيرات الوجه، مثل: السعادة والحزن والغضب والمفاجأة، سيحزن كثيرًا ويتفاعل مع مغادرتك عن طريق النظر إليك مطولًا، ومحاولة الوصول إليك لمنعك.
سيتمكن من استدعاء أحد الوالدين مناديًا “ماما” أو “دادا” -أو اسم خاص آخر يتردد على مسامعه بكثرة-، يرفع ذراعيه لأعلى دعوة منه كي تقوم بحمله أو معانقته.
سيتمكن من الجلوس بمفرده دون دعم وينقل الأشياء والألعاب بين كلتا يديه، ويستطيع استخدام أصابعه في “جرف” الطعام نحوه، ويبحث عن الأشياء عندما تسقط بعيدًا عن ناظريه، مثل: الملعقة أو اللعبة.
ملحوظة: في تلك المرحلة قد تحتاج إلى استشارة أحد متخصصي تعديل سلوك الطفل في حال إن كان طفلك يُبدي بعض ردات الفعل العنيفة تجاه الآخرين، أو يبكي باستمرار عند رؤيتهم، سيساعدك المتخصص على فهم المشكلة التي يعانيها طفلك وكيفية حلها.
تلخيصًا لما سبق.. إليك كافة المهارات التى سيكتسبها طفلك خلال عامه الأول
مع نهاية العام الأول، سيكون الصغير قادرًا على القيام بالكثير من الأمور، مثل:
- الوقوف والانتقال من مكان لآخر عن طريق الإمساك بالأثاث -يمشي مستندًا على الأثاث-.
- سيتمكن من فهم بعض الأوامر التي تُملى عليه، مثل: “لا تفعل ..”. ويمكنك التحقق من فهمه للأمر عندما تراه يتوقف عن القيام بالفعل مؤقتًا عندما تقول له ذلك.
- سيتمكن من النجاح في استخدام الألعاب ومشاركتك اللعب بها، وسيبدأ في البحث عن الأشياء التي يراك تخفيها عنه، والبحث عن الأشياء داخل الأدراج ووحدات المطبخ والخزانات بشكل عام.
- سيكون له القدرة على التحكم في أصابعه واستخدام بعض منها في الإمساك بالأشياء دون اللجوء إلى استخدام كامل أصابع اليدين.
هنا نود تذكريك بكونك المعلم الأول لصغيرك، لذا ينبغي عليك مساعدته على تعلم المزيد من الأمور. يمكنك فعل ذلك من خلال تنمية مهارات الرضيع بممارسة الخطوات البسيطة السابق ذكرها.
علم طفلك “السلوكيات المطلوبة” من خلال ممارستك لها أمامه. استخدم كلمات إيجابية عند حديثك معه حتى يعتاد التحدث بايجابية لاحقًا، وقم بمعانقته وتقبيله باستمرار لتنمي النزعة العاطفية داخله.
ازرع بطفلك نزعة الرحمة، علمه كيف يتعامل مع حيوانك الأليف بلطف وأظهر له الامتنان حال قيامه بذلك.
اصنع أغنية من خيالك عن التوجيهات والأمور التي ينبغي عليه فعلها ، مثل: “هذه هي الطريقة التي نغسل بها أيدينا.” سيحمله ذلك على فعل ما يستمع إليه بطريقة مسلية. يمكنك الاستعانة بقناة طيور الجنة والقنوات المشابهة لها لفعل ذلك، فهي تقوم بإذاعة العديد من الأغاني التي تحمل الكثير من المعاني التربوية المساعدة للطفل في تلك المرحلة.
ماذا إن لم يستطع الطفل اكتساب بعض المهارات خلال الفترة المحددة لها؟
تُصاب بعض الأمهات بالخوف والذعر في حال ملاحظة غياب قدرة طفلهم على القيام ببعض الأمور في الفترة المحددة لذلك، مثال: غياب قدرة الطفل على النطق.
عوضًا عن العيش في حالة من الخوف والقلق يمكنك اللجوء إلى أحد المتخصصين، لفهم ما إن كان طفلك يعاني مشكلة حقيقية تحتاج إلى علاج دوائي أو سلوكي، أم هو تأخر طبيعي لا بأس به.
دور المتخصصين في حل المشكلات النفسية التي تعرقل مسار تطور و تنمية مهارات الرضيع
يُساعد اللجوء إلى أحد المتخصصين في مجال الطب النفسي للأطفال على فهم المشكلات النفسية التي قد يمر بها طفلك في عمر صغير تؤدي إلى إخفاقه في ممارسة بعض السلوكيات التي يمكن لأقرانهم من نفس العمر ممارستها بسهولة.
من خلال استشارات تربوية ونفسية تحصل عليها من المتخصص ستتمكن من معرفة الطريقة السليمة للتعامل مع طفلك لمساعدته على تجاوز أزمته النفسية وإدراك المهارات التي ينبغي عليه ممارستها في تلك المرحلة.
تُسهم الاستشارات النفسية والتربوية في نجاح تربية الأطفال وتحسين علاقتهم بأهلهم، لذا إن كنت تعاني من مشكلة تؤثر على علاقتك بطفلك، توجه فورًا لاستشارة أحد متخصصي التربية لمساعدتك في الحصول على استشارات أسرية وتربوية تساعدك على التعامل مع طفلك بشكل أفضل.
مركز ucan للاستشارات النفسية والتربوية
في مركز يوكان نسعى جاهدين لحل كافة المشكلات النفسية والسلوكية التي تؤثر على الأطفال خلال سنواتهم الأولى من خلال متخصصين مدربين على التعامل مع الأطفال بمختلف أعمارهم.
كما نسعى إلى مساعدة الأطفال على تنمية مهاراتهم المختلفة كي يتمكنوا من التواصل مع المحيطين بهم بطريقة سليمة، كما نُساعدهم على اكتشاف ذواتهم ونمط شخصيتهم والتعرف على نقاط قوتهم وكيفية تنميتها ومواطن الضعف لديهم وكيفية التعامل معها.
هدفنا بناء جيل سوي لا يعاني اضطرابات نفسية أو سلوكية، قادرٍ على مجابهة ظروف الحياة المختلفة دون أن يؤثر ذلك على شخصيته سلبًا، يسعى لتنمية مهاراته المختلفة واستغلالها في تحقيق أهدافه ومساعدة غيره.
احجز موعدك الآن!
إقرأ أيضاً:
علاج مشاكل التخاطب عند الاطفال